رقم الحديث: 16531
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ إِمَامٍ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً " .
(الكتب » مسند أحمد بن حنبل » مُسْنَدُ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ ... » مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ » حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ)
فلا يلزم المسلم بيعة إلا إذا اجتمع الناس على إمام يمكنه القيام بمقصود الولاية الشرعية، وقد سئل الإمام أحمد عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية. ما معناه؟ فقال: تدري ما الإمام؟ الإمام الذي يجمع المسلمون عليه كلهم، يقول هذا إمام. اهـ. من كتاب السنة للخلال.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (منهاج السنة): الإمامة عند أهل السنة تثبت بموافقة أهل الشوكة عليها، ولا يصير الرجل إماما حتى يوافقه أهل الشوكة عليها، الذين يحصل بطاعتهم له مقصود الإمامة، فإن المقصود من الإمامة إنما يحصل بالقدرة والسلطان، فإذا بويع بيعة حصلت بها القدرة والسلطان صار إماما. ولهذا قال أئمة السلف: من صار له قدرة وسلطان يفعل بهما مقصود الولاية، فهو من أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم ما لم يأمروا بمعصية الله، فالإمامة ملك وسلطان، والملك لا يصير ملكا بموافقة واحد ولا اثنين ولا أربعة، إلا أن تكون موافقة هؤلاء تقتضي موافقة غيرهم بحيث يصير ملكا بذلك ... ولهذا قال أحمد في رسالة عبدوس بن مالك العطار: " أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - إلى أن قال: ـ ومن ولي الخلافة فأجمع عليه الناس ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين، فدفع الصدقات إليه جائز برا كان أو فاجرا.
وجاء في (فتاوى اللجنة الدائمة): ومعنى الحديث أنه لا يجوز الخروج على الحاكم (ولي الأمر) إلا أن يرى منه كفرا بواحا، كما جاء ذلك في الحديث الصحيح، كما أنه يجب على الأمة أن يؤمروا عليهم أميرا يرعى مصالحهم ويحفظ حقوقهم.اهـ.
وقد سبق لنا بيان معنى الحديث والمراد ببيعة الإمام في الفتوى رقم: 6927. ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 129040.
ثم إن هذا الحديث لا يعني أن الزمان لا يمكن أن يشغر عن إمام، وإلا فقد جاء في حديث حذيفة المشهور في الفتن، في آخره قول النبي صلى الله عليه وسلم: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. فقال حذيفة فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال صلى الله عليه وسلم: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك. رواه البخاري ومسلم.
وقد بوب عليه البخاري في صحيحه باب: كيف الأمر إذا لم تكن جماعة". وبوب عليه الداني في (السنن الواردة في الفتن) بَاب: "كَيْفَ الْأَمْرُ إِذَا لَمْ تَكُنْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ".
وقال الطبري: في الحديث أنه متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزابا فلا يتبع أحدا في الفرقة، ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك خشية من الوقوع في الشر اهـ. من فتح الباري لابن حجر.
والله أعلم.